أخلاقيات النشر

أخلاقيات النشر والبحث العلمي

الباحث والعالم أو الأکاديمي مؤتمن على علمه الذى هو هبة من عند الله لينتفع به الناس، لا لينتفع به وحده، وهذا يترتب عليه مسئوليات شتى، فالباحث يجب أن يبحث لإنجاز هدف معين يعود بفائدة للناس، وإلاّ أصبح البحث عبثياً إذا کان لغرض البحث فقط أو للترف العلمي، وهذا يعد هدراً وتبذيراً للموارد بدون طائل، کما يجب على الباحث أن يکون أميناً في نقل المعلومة عن الآخرين، ولا يبخس أبحاث غيره من الباحثين في مجال عمله، وأن يکون نقده للجهد العلمي لغيره من الباحثين نقداً موضوعياً أميناً هادفاً ، لا لأغراض التجريح أو الانتقاص .

وعلى الباحث أيضا أن يکون أميناً في آليات البحث ابتداءً من جمع البيانات أو الاستبيانات مروراً بالمعالجة الإحصائية ، أو غيرها من المعالجات التي يجريها على البيانات وصولا إلى عرض وتفسير النتائج التي يتوصل إليها الباحث، وعلى الباحث أن يکون حيادياً ولا ينحاز لأهوائه الشخصية خلال مراحل البحث، لأن هذه النتائج قد تعتمد من قبل آخرين لاتخاذ قرارات أو إنجاز أعمال تمس حياة الأفراد، وبالتالي فإن أي خطأ من قبل الباحث سيدفع ثمنه الأخرون.

کما يجب ألا تکون الأهداف المادية والکسب من وراء البحث العلمي، ولا ضير أن تکون المردودات المالية حاصل الجهد العلمي المتميز على سبيل المکافأة من الجامعة أو المؤسسات الراعية للبحث.

إن الظروف التي تمر بها  مختلف الکليات تحثنا أکثر على الالتزام بأخلاقيات ومنهجيات البحث العلمي، لأننا أحوج ما نکون إلى ثمار هذا البحث، کما أن صعوبة الظروف لا تبرر تجاوز أخلاقيات ومنهجيات البحث العلمي الرصين، لأن البحث عندما يوثق وينشر وتتناوله أجيال الباحثين ، لا يقال عنه إنه نشر أو أنجز في ظروف صعبة أو غير عادية بل إنه سيخضع للتقويم والتصويب والنقد دون الأخذ بهذه المبررات ، کما أن موضوع الترقيات ليست هدفاً من أهداف البحث العلمي، فالباحث عندما يذکر أنه منشغل ببحث لأجل الترقية فإنه بذلک يکون قد ابتعد عن أهداف البحث العلمي ، وخرج عن سياقات العمل البحثي ، فعلى الباحث أن يترک أمر الترقية تحصيلا لحاصل ، لما قدمه من خدمة للمجتمع من خلال جهده البحثي، وحينئذ سيقدم للترقية جهدا علميا قطفت ثماره قبل الترقية وستکون الترقية العلمية حينئذ مشرفة

کما تقتضى أخلاقيات الباحث العلمي احترام حقوق الأخرين وآرائهم وکرامتهم، سواء أکانوا من الزملاء الباحثين، أم من المشارکين في البحث، أو من المستهدفين من البحث، وتتبنى مبادئ أخلاقيات البحث العلمي عامة قيمتي " العمل الإيجابي " و "تجنب الضرر " وهاتان القيمتان يجب أن تکونا رکيزتي الاعتبارات الأخلاقية خلال عملية البحث .

 

وهناک بعض الاعتبارات بالنسبة للسلوک الأخلاقي  للباحث العلمي تتضمن ما يأتي : ــ

المصداقية .

يجب أن تکون نتائج البحث منقولة بصدق وأن يکون الباحث أميناً في ما ينقله ،وألا يکمل أية معلومات ناقصة أو غير کاملة معتمدا على ما يعتقده قد تم .

  • الخبـــــــــــــــرة .

يجب أن يکون العمل الذى يقوم به الباحث مناسبا لمستوى خبرته وتدريبه ، فلا يقحم نفسه في بحث لأي علم من العلوم دون أن يکون لديه الخبرة والدراية بهذا التخصص.

  •  التواضع العلمي.

التکبر في الحياة العلمية آفة الباحثين والبحث العلمي، لذا فعلى الباحث أن يتصف بشخصية علمية متواضعة متقبلة لنقد الآخرين.

  •  الصبر.

البحث تعترضه کثير من الصعاب والمشاق فعلى الباحث أن يتحلى بالصبر وسعة الصدر.

  •  الأمانة.

مراعاة الالتزام بالأمانة العلمية وعدم مخالفة القواعد والتقاليد الراسخة لما يحصل عليه الباحث من معلومات أثناء إعداده لبحثه، مع الالتزام بذکر المراجع بکل دقة وأمانة.

  • النقد الهادف والبناء.

على الباحث أن يکون نقده هادفا، فلا يتحول إلى مجرد ناقد وهادم لما قاله غيره وإن کان صوابا.

  • الحيادية والموضوعية.

على الباحث أن يکون حياديا وموضوعيا ، وأن يقوم بمناقشة الآراء والأقوال بالحجة والأدلة العلمية للوصول إلى الحقيقة.

  •  عدم التأثر بالأشخاص والأفکار.

على الباحث أن يتعامل مع الفکرة دون النظر إلى تأثيرها أو شعبيتها کأن يندفع لتأييد رأي أو فکرة لمجرد أن فلانا قد أيدها أو نطق بها.

  1. الدقة في النقل.

لأن التسرع وعدم التروي في نقل آراء الآخرين له مردود سلبي على البحث.

  •  الإنصاف.

على الباحث أن يکون منصفا فإذا ظهر له أن الصواب مع مخالفِه أقر به، کما ينبغي عليه أن يذکر کل من اشترک معه في إعداد البحث.

  • احترام الملکية الفکرية للآخرين.

على الباحث أن يلتزم بحقوق الملکية الفکرية وببنود قانون الملکية الفکرية رقم 82 لسنة 2002 أثناء الاقتباس من أبحاث سابقة، فلا ينسب لنفسه شيئا قاله غيره، بل عليه أن يبين صاحب هذا الرأي بوضوح ومصداقية.

  • الالتزام باللوائح والقوانين.

ينبغي على الباحث أن يلتزم بقانون الجامعة واللوائح التنفيذية التي يضعها مجلس الجامعة ، وأن يکون هذا الاحترام نابعا من شعور داخلي.

أخلاقيات وقيم البحث العلمي

إن البحث العلمي ــ کقاعدة عامة ــ نشاط مخصص لمصلحة البشرية ، وهو أداة فعالة لتقدم الإنسانية المعاصرة، والأساس الذى تقوم عليه مؤسسة البحث العلمي أن يشکل عنصراً جوهرياً في تکوين ثروة العقول التي تزيد من إنتاجية العمل ورأس المال ، مما ينعکس على تقديم السلع والخدمات التي توفرها الدولة والقطاع الخاص على حدٍ سواء ، ولا يتم تحقيق ذلک إلاّ إذا توافرت أرکان ضوابط وأخلاقيات للبحث العلمي يلتزم بها الجميع .

ولکى يحقق البحث العلمي أهدافه يجب أن يتحلى الباحث بما يأتي : ــ

  • الإيمان بأن عمله لوجه الله ولخدمة أفراد المجتمع .
  • أخلاقيات الباحث وأيديولوجيته التي تحکم أعماله وتوجهها .
  • الخبرة العالية التي تمکن الباحث من تخطيط البحث وتنفيذه وتعميم نتائجه في ضوء الالتزام  بأخلاقيات البحث العلمي .
  • تخلى الباحث عن الأنانية والرغبات الشخصية التي قد تعتري الخاطرة الإنسانية أحياناً في سبيل الوصول لهدف أسمى يتمثل في استنتاجات جديدة ذات قيمة علمية أو تطبيقية تمثل إسهاماً في الحضارة البشرية .
  • شجاعة شخصية في سبيل الوصول إلى  النتائج المطلوبة ، والقدرة على تحمل مسئولية هذه النتائج مع عدم التردد أو التأخير في إعلانها .

آليات مراقبة أخلاقيات البحث العلمي

  • التنشئة الاجتماعية هي الآلية الأساسية لنقل أخلاقيات البحث العلمي، وثقافة العلم بشکل عام .
  • تشديد العقوبات على الانحرافات العلمية مثل السرقات العلمية .
  • وضع ضوابط صارمة لنظم الترقي في المؤسسات العلمية والأکاديمية .
  • وضع ضوابط للنشــر العلمي ، والعمل على تحسين ثقافة النشر العلمي .